مشاركة مميزة

ورقة مختصرة عن القرية

الثلاثاء، 28 فبراير 2017

ذكرياتي مع المدرسة الأولى (الفرات)

كانت ومازالت أيام المدرسة من أجمل الفترات التي يعيشها الإنسان في حياته، فهي تحتوي على أجمل الذكريات التي تحمل في طياتها كثيرا من (البراءة) مع الضحك واللعب والبكاء على أشياء تافهة.
والمواقف التي يرتكبها الإنسان بتفكير بريئ، وعقل صافي.
إن ذكريات الطفولة هي "بلسم يشفي غليلنا مع كل تأمل".
وقد دخلت مدرستي الأولى في قريتي "الأم"- الفــرات -. وكان يومها كل شيئ بالنسبة لي غريــبا (السبورة ،الطبشور،السوط ، رفع العلم،الطابور)وحتى المعلم "ة".
وقد كان( اليوم الأول الدراسي)له طقوسه الخاصة به، ومنها أني استيقظت باكرا ولبست أحسن ثيابي وأجملها ،وبيدي محفظتي، وصحبتني الوالدة إلى المدرسة.

ولما وصلت إلى المدرسة كان كل شيئ بالنسبة لي محيرا، أخذت معلمتي الأولى بيدي(الأستاذة :خدجة بنت بيداه) وأدخلتني الصف (الطابور ) وقد كان التلاميذ ذلك الوقت يكررون كلمة (تعليق سدل)،وكل منهم يضع يده على منكب صاحبه يقول المعلم تعليق (يضعون أيديهم على بعض ، ويقول سدل فيخفضونها)،كانت الحركات والصيحات غريبة علي.
وكان الزميلان (محمد ولد ختاري ،وبدين ولد أبي)أحدهما أمامي وهو الزميل (محمد ختاري)الذي أصبح الآن (مهندسا في فرنسا)وكان مشاغبا جدا ،وعندما أضع يدي على منكبه يقرصني ويضربني على اليد خفية ،وكذلك الزميل (بدين ولد أبي)الذي هو الآن( إمام في المملكة العربية السعودية، لله الحمد). وكانا يضايقاني جدا .وعندما دخلت لأول ساعة في حياتي القسم كنت في غاية الإستغراب، وأنا أنظر إلى الأمام في لوحة سوداء لاأعرف اسمها.
فبدأت معلمتي السالفة الذكر تخبرنا عن هذه الأشياء .
ترفع يدها وتقول هذ اسمه كذا وهذا كذا.
إلى أن انتهى الوقت فخرجت من القسم فرحا وفي انسجام تام مع الأصدقاء والصديقات في جو تملؤه البــراءة والإستغراب.
كنا ندرس أنا ذاك مواد مهمة جدا هي: دراسة الوسط ـ التعبيرـ القراءة ـ الحساب
وكان للأساتذة التالية أسمائهم دورا كبيرا في إنجاح العملية التعليمية أناذاك:
خدجة بنت بيداه
المختار ولد أحمد تياه
المختار ولد الكوري
وقد كان التلاميذ منسجمون انسجاما تاما في الأقسام ،ويصنف الأذكياء منهم عن طريق سرعة الجواب والفهم للمادة ويجعلون حراسا على التلاميذ ومراقبين داخليين في القسم، لينقلوا الأخبار للأستاذ عن الطالب هل يراجع دروسه ام لا؟
وكانوا يسمون انا ذاك (الجواسيس).
لكن عندما نخرج لما يعرف أنا ذاك (بالكفالة) وهي المساعدات التي تعطى للتلاميذ أثناء الدراسة والوجبات التي تقدم لهم وهي وجبتي (الفطور ،الغداء)،عند ذلك تبدأ وتنشب الحرب الضروس بين التلاميذ خصوصا ،عندما يكون النشاء ساخنا والجو باردا، فتنظر في عيني صديقك ،فترى فيهما الشراسة والبأس،وكذلك عند وجبة الغداء ،التي كثيرا مايحصل البــكاء عندما يتأخر أحدنا فينقض الطلاب على نصيبه .
وأتذكر أحد الشباب الذي فاتهم القطار في يوم من الأيام عن وجبة الغداء (قضوا 3 أيام يبكون لتلك الحادثة خصوصا عندما تذكره بها).
وأنا أنصفه لأنه في الحقيقة كان ذلك اليوم يوم مامثله يوم وهو الثلاثية -الصديقات-التي تخزنها الذاكرة(الوالدة عيشة بنت احمدي،مريم بنت النهاه، تسلم بنت حمدن).
وكان يومهم يوما جميلا لأنهم يغلظون النشاء فيصبح مثل العيش تماما فيكون حلوا،ويتألقون في الغداء ،أسأل الله تعالى بمنه وفضله أن يرحم والداتي (تسلم ومريم).
وقد كانت المناهج أناذاك مناهج في غاية الروعة والجدية .
وكان أهم الطلبة الذين درسوا معي يومها من قريتنا:
محمد ختاري
بدين ولد ابي
عبد الله بوبه
من حبيبلش:
أحمدو ولد شيخ البيظان (البدي)
حامد أخوه
محمد عالي
ومن النساء
...
ومن الصعب التمييز بين أحسنهم وأذكاهم لأن التكوين تقريبا واحد والتفاوت يكون في الحفظ والمشاركة
ومما لايمكن نسيانه :الأوقات التالية:
رفع العلم ـ لعبة العلم ـ المحفوظات، وأتذكر منها:
بالعربية
هذ أخير نومنا بلادنا لاتشتكي::شبتبنا نفوسنا أرواحنا كل لك
كن للإله ناصرا:وأنكر المناكرا
برز الثعلب يوما في شعار الواعظين
بالفرنسية
لي كوكشانت لاجنوباري
تو سفي دان لافاياج
وأتذكر اننا في السنة الثالثة نحفظ الجداول كلها.
ونتقن التمييز كمرحلة سابقة على الإعراب
كما نحفظ العديد من القصائد.
لذلك كان التأثير واضحا عندما انتقلنا للدراسة خارج القرية أتذكر انني كنت في المرتبة الأولى دائما ،مع أنني لم أكن أحسنهم ول اقريبا من ذلك.مع أن هذا لم يؤثر على تعليمنا المحظري.
وبالنسبة للبنات لم أحبذ ذكر أسمائهن خوفا من أن يكون هناك حرج مع أنهن كن متميزات جدا وفيهم القابلات للتعليم والصالحات للتخصصات كلها.
من خلال كل ما ذكرت وما صعب على الذاكرة استحضاره أريد أن أخرج بالنصائح والإرشادات التاية:
- يجب على القرية اليوم وعلى العائلات خصوصا أن تعتني بدراسة الطفل مدرسيا، وأن يكون دور الأسرة واضحا ومميزا في هذ المجال، وخاصة التدريس النسوي، دون أن يؤثر ذلك على التدريس المحظري طبعا .
- التركيز على تعليم البنات خصوصا التخصصات العلمية، والتركيز عليهن حتى يتخصصن أو على الأقل أن يحصلن على الباكلوريا ثم يكون من هن (قابلات ممرضات معلمات الخ)،ليساهمن في توعية وخدمة مجتمعهن.
- بالنسبة للشباب يجب أن لايهملوا التوجه المدرسي فالقرية لايمكن أن يكون كل أفراده علماء إن حدث ذلك ،فلابد أن يكون فيهم (ضباط ،أطباء،أستاذة جامعيون...الخ).
وهذ ليس مستحيلا مع التخطيط والتوجيه .
كل تمنياتي لقريتي الأم بالرفاه،ولأبنائها بتحقيق الأحلام.

إبنك البار:الشيخ ديدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق